كانت "أحلام الطفولة" هي النص رقم 1 من "العزيف" وهذه تحمل الرقم 2 باسم:
_________________________________________________________
"طـريــق"
بــدأت سيـر واديها المظلـمِ
أمــد الـيـد أمــامي لا أراهــا
فقــط أحس كـفي على فـمي
لا أشـعر بـأي شيء عــداها
وسَبحْت في العتمة السوداء
وقد حَسُـر بـالـعـيـن مــداهـا
جلباب غـراب أسود كسـاهـا
كل ما حـولـي يـلبـس رداهـا
* * *
تـتـرصــد بـي زمــر لأعـداء
ولـيلـــه الــطـويـل يـتـثــاءب
تـزوغ، في كـل مكـان تـكمن
تـتـخـفـّـى ولــلأدوار تتنـاوب
تحاصرني، ووحوشها تحوم
نـذر بجـحفــل شـر تــتـواثـب
تتسـمـر بـي كـأعـيـن الـبـوم
وأتوجس الـغـيــلة تــتـقـارب
***
تحدّق بـي أشـبـاح مجهـولـة
تؤكـد أقصوصة أمّـنـا الغوله
ورغم السواد والليل والعتمة
تجلت لي بها ظلـمة مصقوله
تـعكـس لي أسود من السـواد
يحاذي جـذع شـجرة مـهـولـه
أمـارد خفــاش أحـادي العــين
أورهـــا يـقـذف الـنـار حـولـه
***
واســـتـقـام بـســاقــيّ حــــَدأة
ما أرى هـو لـيـس مـن عرفي
لإنســان في حيــوان في جـانٍ
يســتديـر لـيــدنــو بــتــخـفـي
أقــشـعـر بـالــتــوحـش بــدني
أوراء ظـهـري يـكمـن حـتـفـي؟
ومن الــظـلمة هجــــــم خـفِـيّ
فَـاغــرٌا فـمـه فــوق كـــتــفــي
***
ويكـــاد أو ســيـقــضـم أذُنـــي
وأنـفـاسـه تمـتص أنــفـاســي
هـي نذر بدء اليـوم المـشـئـوم
انـتــصب له الـشــعر بــرأسي
فـانـفـصلـت ارتـباطـات عقـلي
وأســـتعـدت لــلآلام حــواسي
مـيــزان قـوى الظـلـم متحــيـز
وَبـالأخطــارِ تـقــرعُ أجراسي
***
صـوتٌ أبح خشـنٌ يـتحشــْرج
زحَفَ من كـهفٍ أسفل البلعوم
صـفعْني ساخـنا خانــق العَفـْن
تـجـشُّؤ أحشاء ضـبعٍ مـتخـوم
فـَـوْح مســتـنـقع أشـــلاءٍ ودم
فــقَفزت منـه روحي للـحلـقوم
طريـدةُ الذئـبِ هيكـلٌ من عظم
هي وفقط لكلبِ طعامُ مهضوم
أأنــا وجبتهم السهلة الـهـضم
وضْـع قـتــــالِ غيـر مـتـكافئ
***
أأغـرتهم وحدتي وانفرادي؟؟
ودفــعُ الـفريـسـةِ بـلا أيــادي
أنــا مائــــــدةٌ لا ولـن تـقســم
قـهـقـت لها عـفاريت الـوادي
ووقعت ذُهـلا فحملت الأقدام
صـدمة الرعبِ خلعت فؤادي
***
وبـساقيّ ثــمـلٍ أركـلُ الأرضَ
وكـلُّـيُ نـســـيج بـالأورامٍ دام
لم أبرح! اركض نفس المكانِ
وقد رُضـتِ الـلحمَ مع الـعظام
وعـربـد خـلفي إعصار وأقلع
وتهاوت ورائي أثقل الأجسام
جلاميد من الصخرٍ والحيطان
واليقين بما حولي أدق حطـام
***
تحوم حولي النسور والعقبان
مـسـتقر في تـصالب الـنيشان
صـورة الجـيــفة في أحداقـها
غير مـقلوبة برأس الـثـعبـان
بـين ركام الـمعـبـد والأصـنام
على نـُصُـبِ مـذبـح الـحملان
تـبـخــّر منــِّي الـجسـد رعـبـا
وقـسرا عُرّيتَ كرامة الإنسان
***
لست جالسا أو واقـف أو نائم
اختفت عن بـدنـي أي مـعـالـمِ
لا أشـعر جـسـما مـا يـحملـني
وفـي الـرمــاد كل خطـر قـائـم
وعاء مكسور لم يحفظ مظالم
أمانةٌ يـحرسها الطـفـل النائـم
وفـوق الــرأس وبـالـفـم حجر
والسـوط يـصـعد كل السـلالـم
***
يـدٌ أمتدت تـزحف في الـظلام
كالأصداف حراشـيف ظـرهـا
تـنتمي لشيء ليس كالأجسام
شـعر أكثٌ بــأذيــالٍ تـجـرهـا
زاغت حدقـة الـعيـن تستطلع
عادت بيضاء أجـتـث بصرها
لا أمـيــز! ولا بـالـعـقـل حـيـز
والـرحـاء يسقطـني دوارهــا
***
أخــذت بـأذيـالـهــا تـجــذبني
وتغـرز الـمخالب في المعصم
لا أعــي بـجســدي وذراعـي
وانَّ بــه الــرأس وفـيـه الـفم
وأيـن يـمينـي وأيـن يـسـاري
ولا أرى من أين ينزف الــدم
لا أعـقل! احق هو ما أعيـش
أحقٌ أم هو أضغـاثُ في حـلم
***
أُلــْغيت مفـرداتي لـلاستـفهام
فليس منها بمعجمي كانسان
فلا التـــفـات ولا للاستــــعلام
وجـميــع الأزمـنـة هي الآن
كابوس مطـبق فــوقي بالجثام
وإبليسٍ يحتـفـل بالـصولجان
أســيرحل!؟
فالعمر فقط ثـوان
وهــو قــد هـضـم كـل أزمان
احتمي بخالق الانس والجان
والـلعــٌن! لـمردتهما.. في آن
* * *