الساهي ابراهيم Admin
عدد المساهمات : 79 تاريخ التسجيل : 14/04/2012
| موضوع: الحكاية رقم 10- " سبحانك يا رب!!" الثلاثاء مايو 08, 2012 7:36 am | |
| 9- سبحانك يــا رب!
ان "عبد الجواد بن علي " المحاسب في قسم التموين منهمكا في البحث عن جواب مقنع للمعضلة الحسابية يتـفق مع أي سند قانوني أو تبرير مرضي في أحد بنود المنصرفات للقسم رقميـا مع ما قابله من نص مكتوب عن نوع المشتريات بهذا المبلغ، ولم يتنبه لما دار من هرج ومرج في الغرفة بين زملائه الموظفين حين دخل زميلهم المتغيب منذ أيام ووزع عليهم بطاقات الدعـوة لزواجه حتى هذا الزميل إلى جوار مكتبه ووضع البطاقة على الورقة التي غرق في وحل محتواها ودون أن يرفع رأسه أخذ بقراءة البطاقـة كجزء من ورقة العمل وعنـد عبارة: الداعي أخوكم/ عبد الرحمن صالح وعائلته، اهتزت البطاقة مع جسمه عفويا لاستفاقته من التركيز الإجباري في غيوم من الأرقام المتشابكة أضحكت كل من في غرفـة المكتب ليقف بعدها يهز رأسه بابتسامة باهتة أستخرجها من الغيوم معتذرا من الصديق وشاتما البقية على المقلب المحرج الذي استغلوه للإطاحـة به كرئيس للقسم. واستمر الهرج وتفرع بحرية لانجذاب رئيس القسم في عمق موضوع الحوار الذي أفتتح بمناسبة زواج الزميل إلا أن هذه المـادة وتفاصيلها فرضت نفسها للاهتمام بها بحماس لقوة تأثيرها فيهم الذي لن يتمكنوا من مقاومته كشباب أعزب، وجعل هذا اليوم العملي نشاطا شعبيا أو عاما مفتوح، ولأن رئيس القسم لم يتمكن من ضبط العمل بعد أن فقـد هو قدرته على ضبط نفسه عن في التوقف عن الحديث في الزواج عموما والمرأة بشكل خاص، وهو أمر مدهش بعد أن سقـط في هاويته أو ارتفع إلى جنـاتـه- لا يعلم حتى الآن - أول زميل في هـذا المكتب الذي تمركز في سبعة فرسان ولكن لا تعرف قبل هذا اليوم عمق إيمانهم بفكر القضية ولم تظهر منهم إمكاناتهم وتوجهاتهم. امتـلأ جو الغرفة حتى السقف بالكلمات الرومانسية وبعطور النساء وبأعشاش عصافير الأحلام التي تحوم فوق الرؤوس والتنهدات الخافتة عمت الغرفة إلا زاويـة واحـدة منها، تحوم فيها غربـان وعقبـان وترفرف في سمائها ضفادع وقطط مجنحة ربما من عصور الديناصور، وهي الزاوية أو الركن الذي يجلس فيه زميلهم المدعو "أبو غايب"، وهو المحنك والمفوه بالتقعـر النحوي وصاحب التجـارب الزوجية المتراكمة من خلال التكرار الذي ينتهي دوما بالفشل وعدم الاستمرار، فهـو يعتبر حالة شاذة عن المجموعة كأعزب مؤقت منذ سنتين. وقهقـه بصوت عال أفزع جميع عصافير الأحلام وهربت تحمل أعشاشها لأقرب كهف، وتناثرت حروف كلمات المشاعر الرقيقة بعد أن سقطت على رخام الأرضية القاسية، ولم يعرف ما هو الموضوع الذي أستدعى هذه الضحكة أو مناسبة خروجها كالشاحنة اندفعت عن المسار فجأة نحو حديقة عامة؟ فالجميع يتناقشون بجدية وحماس عن الحكمة وفضائل الزواج في الإسلام وبالقرآن، وعن المتطلبات والشروط في عقد القِران، ولكنها على العموم حدثت كمطرقة القاضي عند إعلان افتتاح الجلسة، ويصدر هذه القهقهة أثناء الحوارات ليس كجملة اعتراضية لتوضيح ما قبلـها أو بعدهـا ولكن للإنهـاء والفنـاء لأي حديث بعدها وهي إعـلان عن جاهزيته ليبدأ بأحد المحاضرات المعتـادة التي تعـودوهـا وتساعدهم على الانكباب في العمل والانهماك جميعـا لإتمـام ما تبقى عليهم من واجبات العمل، ولكن موضوع محاضرة اليوم لا يمكنهم التهرب منه أو تجاهله بالعمل أو النوم، فالموضوع جد حساس وما زالت قلوبهم تتراقص على الكلمات والعبارات وأبصارهم تطارد المتكلمين بالفضول المرهق كمراسلي ومصوري الإثـارة، وجـاء صوته مستفتحا بعبارة تذيلها الصدى لقوة الصمت المطبق في غرفـة لم يعد يملأها سوى الفراغ: - المـرأة، يا إخواني! أعني الفتــاة، حين تخرج من بيت والدها في يومها الأول، وعن حضن أمها وعِشرة إخوانـها، ثم يشطب اسمها من سجل عائلتها الطبيعي، ومتجهة إلى مكان جديد لتعيش في بيت رجل جديد ليحتضنها بالرعاية رجل جديد ويسجل اسمها في سجل عائلي جديد! وهو فاصل قانوني واجتماعي واقتصادي وعاطفي وجغرافي أيضا عن كل الماضي.
- وهذا يجعلني أتساءل بدهشة غير محدودة! عن هذه القدرة التي خُلقت فيها؟ كمعجزة خاصة وكاملة للتعايش السريع مع واقعها الجديد؟. وبنفس القوة والسرعة لانفصالها عن واقعها القديم، وهي تتجه مسرعة لتكوين النواة الجديدة، لحياة جديدة بخلايــا جديدة؟. - ففي ليلة وضحاها تستبدل أباها وأمها والإخوة والأخوات وبقية العائلة والبيت بأكمله مع جيرانها والصديقات، وهي لا تستبدل هذا المجتمع الكبير فقط ، بل تستبدلهم لتستوعب وتتكيف مع مثلهم، وهم مجتمع الزوج بأطيافه وجميع من يرتبط به، والذي غالبا هو أكبر حجما ومساحة وأكثر عددا؟ - بينما هذا الأمر لا يحدث مع الزوج! الذي يستطيع أن يحتفظ بكل علاقاته، وغالبا، أو بإمكانه ألا يستوعب من ارتباطات ومتعلقات الزوجة إلا هي فقط وحتى حماته تفرض نفسها وليس فضلا منه مع القليل وبالانتقاء، وقد يتنصل من هذا القليل سريعا عاجلا أو آجلا..
- سبحان الله، يا سبحان الله من العجب في هذه المرأة! سبحانـك .. يــا رب!!
( وكاد يصرخ بأعلى صوته وهو يقول ): ســبحانك يـا رب! ثم رفع أحد حاجبيه وهو يطلق عليهم سـؤالا لم يجب عليه؟ وهم لم يجدوا لـه أي إجابــة حينهـا. ولكنه ابتسم ابتســامة ماكرة. وراح يعقب على اســتنتاجات أخرى: - ولكن هل تعلمون أن المرأة يمكن أن تستخدم هذه الموهبة دائما في العديد من المجالات الأخرى؟ و... كما تستثمرها في هذا المجال وبنفس السهولة والفاعلية؟ فغر الجميع أفواههم إما لامتناع العقل بالعجز عن الفهم لما تحتوي عليها أو للدهشة من ما وراء هذه النقطة؟ ولكنه ساعد هم بالتوضيح: - هذا يعني، أنها قادرة على تكرارها مع أكثر من زوج، وبنفس السرعات وبالكثافة المطلقة؟ فمقدرتها على التغير والتغيير لتستوعب البيوت التالية مع رجالها ومع جميع الذين خلفوهم وقبائلهم"! وهذا كله يعود الى فضل الله عليها بفضل مقدرتها وموهبتها العجيبة على الاستيعاب والتغيير.
وحين رأى الأفواه فاغرة والدهشة تتقافز في حدق أعينهم وجد أنها الفرصة المناسبة ليضرب ضربته الموجهة وينتهي: - وهناك الأكثر غرابة من ذلك!! لا تغضبوا ولا تستغربوا؟ فان لدى" بعضهن" القدرة الفائقة على إحداث هذا التغيير أيضا في البيوت الأخرى التي لا تخصها؟ وأيضا بنفس السهولة، ألا تظنون ذلك؟
هناك الكثير من هز رأسه بالموافقة دون فهم حقيقي أو تام للمقصود، ومنهم من أعتقد أن تساؤله جيـد وبري ء! ولكن هل الإجابـة خبيثة جدا، إلى هذا الحد؟ أم لأني لم أفهم حتى الآن؟ لأنه بانتهاء هذه المحاضرة وهذا التساؤل أخذ بعضهم يجول ببـصره في وجـوه جميـع الزملاء الصامتين، ونظراتهم تائهة بلا بريق وبأجفان متخشبة، ثم رفعت رأسي للأعلى فوق الجميع لأرى ما كنت تخيلته فوق رؤوسنا سابقا من عصافير حالمة في جو الغرفة، فلم أجـد منها شيئا إلا أربعة من طيور البـوم، تقبع في زواياها الأربع محملقة، ترسل نظرات غامضة، كالغضب مع اللامبالاة، وكالوعيد والتهديد ولكنها صامتة كالموت، وكان الخامس منها يجثم على مروحـة تتدلى في وسط السقف، وهو الأضخم وتدور رقبته 360 درجة بينما عينـاه تحملق في الجميع في بلاهـة، ويبدو أنه الأكثر غبـاء، ومكانه فوق رأس" عبدا لجواد علي" ومباشرة، ولم يشعر بوجـوده إلا بعـد أن أحس بسخونة لزجة على صلعته المختفية تحت غترته البيضاء الخفيفة والطاقية المشغولة بالفتحات الواسعة كالمنخل، وهذا في الحقيقة ما أسكته تماما عن الإجابة وعن إكمال الحـوار !.
. *** | |
|
alfalah
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 22/06/2016
| موضوع: رد: الحكاية رقم 10- " سبحانك يا رب!!" الثلاثاء سبتمبر 27, 2016 6:23 pm | |
| يعطيك العافية ومشكور عالقصة | |
|